[size=18]
[size=16][size=12]إلى الوسط من خريطة المغرب، وفي منتصف الطريق المؤدية إلى مدينة مراكش، حين يكون السائح قادماً من مدينة فاس، عبر مدينة خنيفرة، وعلى مسافة 250 كيلومترا من مدينة الدار البيضاء، و340 كيلومترا من مدينة الرباط، وفيما تنفتح الوجهة والطريق على الجنوب المغربي، عبر مدينتي الراشيدية وورزازات، يمكن للسائح أن يتوقف لبعض الوقت بمدينة بني ملال، التي تحتضن المدار السياحي لعين أسردون، وذلك قبل مواصلة الطريق في اتجاه شلالات أوزود، الواقعة بإقليم أزيلال.
[size=16][size=12]إلى الوسط من خريطة المغرب، وفي منتصف الطريق المؤدية إلى مدينة مراكش، حين يكون السائح قادماً من مدينة فاس، عبر مدينة خنيفرة، وعلى مسافة 250 كيلومترا من مدينة الدار البيضاء، و340 كيلومترا من مدينة الرباط، وفيما تنفتح الوجهة والطريق على الجنوب المغربي، عبر مدينتي الراشيدية وورزازات، يمكن للسائح أن يتوقف لبعض الوقت بمدينة بني ملال، التي تحتضن المدار السياحي لعين أسردون، وذلك قبل مواصلة الطريق في اتجاه شلالات أوزود، الواقعة بإقليم أزيلال.
ويمكن للسائح، قبل الوصول إلى بني ملال، بنحو مائة كيلومتر، قادماً إليها من فاس، أن يستمتع بالمناظر السياحية الفاتنة التي توفرها شلالات "تامدة" و"سيدي بوغنداز" بمنطقة زاوية الشيخ، مثلاً، حيث تبدو شلالات "تامدة" الصغيرة كما لو أنها تلخص وتقدم للجمال الذي ينتظر السائح في بني ملال، حيث شلالات ومياه "عين أسردون"، أما شلالات "سيدي بوغنداز" فتعطي صورة مصغرة عن مرتفعات الأطلس وصبيب المياه من الأعالي، تقديماً لشلالات أكبر وأبهى في منطقة أوزود.
وتشترك شلالات أوزود وعين أسردون في مصدر جمالهما، وتتوحدان في تراب الجهة التي تحتضنهما، حيث الماء مشترَك بينهما وجهة تادلة أزيلال، الغارقة في خضرة سهل تادلة، والأطلس الشامخ الممتد في عمق المغرب جبالاً لمتعة العين وسنداً للدير والسهول، توحدهما تراباً وتقسيماً إدارياً بالمملكة. أما على الصعيد السياحي ومتعة العين والاستجمام، فكل موقع ينادي على الآخر، مقترحاً على الزوار، مغاربة وأجانب، فضاءً خلاباً للاصطياف والاستمتاع بالشلالات وهي تنساب من الأعالي لتلامس أرضاً اعتادت على الماء والخضرة.
وتعتبر بني ملال، التي تحتضن "عين أسردون"، إحدى المدن المغربية القليلة التي تغنّى بجمالها وطبيعتها الشعراء والفنانون، فهي مدينةٌ تميزت بطبيعتها الفاتنة وبعيون الماء فيها وعلى جنباتها، وهي أشجار الزيتون والماء المنساب عبر أحياء المدينة صافياً ونقياً، ثم، إنها المدينة التي يتجاور فيها الأمازيغي والعربي من دون إيلاء كبير أهمية إلى النقاشات المفتوحة عبر الصالونات واللقاءات الثقافية والبرامج الإذاعية والتلفزيون وصفحات الجرائد، بصدد الحقوق الثقافية وما إليها من نقاش ووجهات نظر.
وتمتلك منطقة بني ملال إمكانات سياحية هائلة ترتبط أساساً بالسياحة الجبلية وطبيعة فاتنة تتشكل عبر سهل تادلة الغني بمؤهلاته وخيراته الفلاحية. وتوجد بالمدينة والنواحي وحدات فندقية في مستوى استقبال السياح الراغبين في خدمة تساير تطلعاتهم وتمنحهم إمكانات مهمة للزيارة والسياحة، ثم إن المنطقة معروفة بهدوئها وقدرتها على توفير الأمن والأمان لزوارها. وغالباً ما يُقرن الحديث عن مدينة بني ملال بعين أسردون ومدارها السياحي، الذي يُعتبر من بين المزارات السياحية الرائعة بالمغرب، والذي يزوره آلاف السياح المولعين بالسياحة الجبلية والماء والخضرة، حيث جبال الأطلس الشامخة في خلفية المدينة ومرتفعات "تاسميط" تُغري بالتسلق، فيما يتموقع مدار عين أسردون على ربوة صغيرة، حيث شلالات المياه التي تؤثث لها حدائق ساحرة، فيما القْصر المجاور للعين، يركن شامخاً على المرتفع مثل حارس وَفِيٍّ للخضرة والمدينة والتاريخ.
وعُرفت عين أسردون، على مدار السنوات، كمقصد للعائلات، خصوصاً خلال فصل الصيف، وتُحكى الكثير من الأساطير والقصص والخرافات حول الأصل في تسمية "عين أسردون"، التي تنبع من تخوم الجبل فتسقي الأرض والعباد، فيما تمتد السواقي عبر أحياء المدينة مثل الشرايين التي تغذي الجسد.
وتنفتح زيارة المدار السياحي لعين أسردون على ما يحيط بالموقع من إمكانات سياحية مهمة، خصوصاً عبر زيارة شلالات "أوزود" الرائعة، على الجانب الآخر من الجهة، عبر الطريق المؤدية إلى مدينة أزيلال.
وتصنف "أوزود" كمصطاف بمواصفات طبيعية هائلة وشهرة عالمية، حيث انه لا تكاد تخلو المطويات والكتيبات التعريفية الخاصة بالمغرب السياحي من ذكره وتقديمه للعالم، وهو يقع بتراب إقليم أزيلال، ويمكن للسائح أن يصل إليه سواء كان قادماً من مراكش أو من بني ملال. فمن جهة مراكش، توجد منطقة الشلالات، على بعد نحو 20 كلم من بلدة "تنانت"، و150كلم إلى الشمال الشرقي من مراكش وعلى طريق مدينة دمنات، أما من جهة بني ملال فعبر الطريق الرابطة بين مدينتي أزيلال ودمنات، بحوالي 15 كلم، قبل المرور عبر طريق ضيقة، طولها حوالي 15 كلم، توصل السائح إلى منطقة أوزود، قبل أن تتراءى الشلالات منسابة من علو 100 متر، من دون توقف، شتاءً أو صيفاً، تلخص لها مياه متدفقة من الأعالي، مصدرها ما يفوق 20 عيناً من "تنانت"، كما أن صبيبها يخضع للتقلبات المناخية، في الوقت الذي تغذي فيه مياهه المتدفقة روافد وادي العبيد.
وتلتقي تدفقات مياه وادي أوزود، الذي يتشكل من ثلاثة منابع، في مجرى واحد، يصب، بعد نحو كيلومتر، في وادي العبيد، الرافد الأساسي لنهر أم الربيع، أهم أنهار المغرب.
ونظراً لتضاريس وطبيعة المنطقة الجبلية، الواقعة بالأطلس المتوسط، فإن من عادة زوار شلالات أوزود أن يستمتعوا بجمال وطبيعة المنطقة راجلين، حيث يقومون بركن السيارات والحافلات في ساحة واسعة قبل التوجه إلى المسالك التي تنزل بالزوار إلى الأسفل، حيث مياه الشلالات، التي يمكن الاستحمام فيها والاستظلال بالظلال الوارفة التي توفرها أشجار الزيتون المنتشرة في جنباتها، كما أن المسالك الموجودة عبر المصطاف سهلة ومهيأة على شكل أدراج، يجد الزائر في أسفلها، عند نزوله عبرها، مقاهي ومطاعم ومحلات تعرض الألبسة والحلي، ومعروضات الصناعة التقليدية المعدنية والخزفية والجلدية والصوفية وغيرها، التي غالباً ما تكون من صنع محلي أو تم جلبها من مناطق مجاورة، معروفة بالصناعة التقليدية، كمنطقتي "دمنات" و"بزو".
ورغم أن مقاهي ومطاعم ومحلات أوزود تفتقر إلى الفخامة، التي قد تتطلبها المواقع السياحية الشهيرة، فإنها، ببساطتها وأثمان معروضاتها وطريقة تعامل أصحابها، تنسجم مع الطبيعة التي تحتضنها، في بساطة المواصفات الأولى لشكل وتشكل الحياة، وذلك من دون تعقيدات في الأداء أو الاختيار، أو الولوج إلى أمكنة العرض والبيع.
وتتميز منطقة أوزود بمناخ صحي وثروات نباتية وحيوانية جد متنوعة، وتبلغ متعة العين والاستجمام أقصاها حينما يتتبع الزائر حركات ومنظر القردة وهي تتقافز عبر الأشجار والمساحات الخضراء.
وتوجد في أسفل الشلال بحيرتان، توفران للمصطافين متعة السباحة لمن يهوى العوم، أو هامشاً للتأمل في جمال طبيعة لم تصلها، بعد، معاول الحفر ولا برودة الإسمنت وخرائط المهندسين المعماريين.
وإلى متعة العوم وهامش التأمل، هناك من المصطافين من يرافق بعض المجموعات الغنائية، التي تجعل من الشلالات ومنطقتها فضاء للاسترزاق والكسب، عبر ترديد أغان وأهازيج تستحضر روح المنطقة وتراثها عبر أغان أمازيغية أو شعبية.
وهناك من يرجع تسمية أوزود إلى أصول أمازيغية، تعني إحداها "الدقيق الذي يخرج من المطحنة"، فيما يحيل أصل آخر على كلمة "أوزو"، التي تعني أشجار الزيتون. وفي أوزود، وإضافة إلى الماء والخضرة، لا يفوت الزوار فرصة زيارة المطاحن التقليدية التي تعتمد في طحن حبوبها على الطاقة المائية التي توفرها مياه الشلالات.
واللافت أن طحن الحبوب في هذه المطاحن التقليدية يخضع للعرف، أساساً، حيث لا يدفع الراغب في طحن قمحه مقابلاً نقدياً، وإنما كمية من الطحين تراعي نسبة معينة من الكمية المطحونة.
وعلى مستوى الإقامة، يوجد هناك فندق "رياض شلال أوزود"، وهو بناية تستوحي هندسة ولون وتراب المنطقة، كما أنه يقترح على نزلائه فرصة التمتع بجمال المنطقة عبر سطحه وشرفاته.
وبعد أن كان معظم زوار أوزود من السياح الأجانب، لوحظ اخيرا تردد متزايد للزوار المغاربة، خاصة من بين المهاجرين، الذين يستبد بهم الحنين لطبيعة وهواء بلادهم النقي، فضلاً عن سكان المدن الساحلية، الذين يرغبون في استبدال ملوحة شواطئ البحر بظلال الجبل ومياه الشلالات العذبة.
وإلى المهاجرين المغاربة وسكان المدن الشاطئية، يقنع جزء كبير من سكان جهة تادلة أزيلال، ممن تمنعهم ظروفهم المادية من قضاء عطلتهم بالشواطئ، بما توفره منطقتهم من إمكانات طبيعية ومؤهلات سياحية، وذلك بالتردد على شلالات أوزود، في إقليم أزيلال أو ظلال عين أسردون بإقليم بني ملال.
و أتمنى أن تزوروها يوما ما
دمتم بود
[/size][/size][/size]