الحياة العلمية بالمغرب الأوسط في عهد الموحدين
515 ه - 668 ه / 1121 م -1269م
بقلم الأستاذ: علوي مصطفى
جامعة بشار (الجزائر)
خلال القرن السادس الهجري خضع المغرب الإسلامي لسلطة الموحدين، و كان لشخصية محمد بن تومرت(1)دور الكبير في ذلك،لكن بعد وفاته سنة(524ه/1130م)خلفه عبد المؤمن بن علي(2)الذي وطد أركان الدولة الموحدية و التي استمرت من سنة(515 ه إلى 668 ه)،فأحكم قبضته وسيطرته عـلى المغرب الأقصى،ثم توجه اهتمامه إلى المغربين الأوسط و الأدنى،وبعث بحملات متتابعة وصلت حتى طرابلس بإفريقية و مدن بالأندلس،فساعـد ذلك النصر عـلى تحـقيق الوحدة السياسية للمغرب الإسلامي،واتخذ من مـراكش عاصمة للخلافة.فكيف كانت الحياة العلمية و الأدبية والفكـرية بالمغرب الأوسط في عهد الموحدين؟و هل كان للمغرب الأوسط إسهامات فيها؟
1- أهم العلوم التي اشتهرت بالمغرب الأوسط في عهد الموحدين:
اعتنى المغرب الأوسط في عهد عبد المؤمن بن علي بالعلوم الإسلامية و الفلسفية تفسيرا و حديثا،و رسخ المذهب المالكي بين الناس،فحافظوا على جوهر الدين بنشر أصوله العقلية و النقلية(3)
أ- العلوم النقلية:
القراءات:
كان علم القراءات في مقدمة العلوم الدينية،باعتباره أول محاولة في تفسير القرآن الكريم،و كان المغرب الموحدي من أشد الأقطار الإسلامية اهتماما بهذا العلم. و"كان عبد الله الونشريسي يقرأ القرآن قراءة حسنة"(4)و لقي بذلك احترام و إعجاب الناس بشخصيته الفقهية.
وضع المهدي محمد بن تومرت نظاما يوجب عليهم قراءة حـزب من المصـحف الشريف كل يوم جمعة عقب صلاة الصبح و المغرب قراءة مرتلة،و كان الأمير يوسف بن عبد المؤمن قد درس القراءة "و كان من أحسن الناس نطقا بالقرآن الكريم."(5)و كان القصد من القراءة التلاوة الصحيحة للقرآن الكريم.
التفسير:
يعد التفسير الخطوة الثانية بعد القراءات في سبيل بيان معـاني القرآن الكريم، و علـى الرغم من أن الموحدين تبنى أوائلهم الفكرة المهدوبة الشيعية و تأثر مذهبهم التوحيدي بآراء المعتزلة،إلا أن ذلك لم يخرجهم عن الجو السني مطلقا(6)و قد حاول المغرب الإسلامي الحفاظ على خصوصياته المذهبية.
و من أبرز المفسـرين للقرآن الكريم بالمغرب الأوسط،أبـو يعقوب يوسف بن إبراهيم الورجلاني الذي ألف تفسير القرآن في سبعين جزءا و محمـد بن يخلف بن يوسف بن حسون و موسى بن الحاج بن أبي بكر الأشيري و أبو الوليد يزيد بن أبي الحسن بن عبد الرحمن و أبو عبد الله محمد بن علي بن مروان بن جبـل الذين درسـوا بالأندلس(7)التي كانت حاضرة يحج إليها الطلاب للنهل من مختلف العلوم.
الحديث:
استند الموحدون إلى مذهب ابن تومرت"المذهب الأشعري"،لكن المغاربة عادوا إلى إتباع مذهب الإمام مالك بن أنس صاحب الموطأ.و كـان عبد المؤمن بن عـلي مـن المتبحرين في الحديث(و كان ابنه يوسف مجتهدا في طلب الحديث.
اهتم عبد المؤمن بالعلم و العلماء من خلال إشـرافه على جمع آثار المهدوية أو الفقه ليكون في كتاب واحد سماه«أعز ما يطلب»(9)و من أشهر المحدثين بالمغرب الأوسط الهمذاني الوهراني الذي عين قاضي الجماعـة بمراكش عاصمة الموحدين سنة 584ه/1188م،كما تولى بعد ذلك قضاء اشبيلية حتى سنة 592ه/1195م(10)
علم الكلام:
كان المغرب الإسلامي قبل دعوة ابن تومرت يسير على مذهب السلف الصالح و يمقت "علم الكلام"(11)الذي يتصدى لتأويل المتشابه من القرآن الكريم.و من العلماء الــذين اهتموا بعلم الكلام بالمغرب الأوسط في عهد الموحدين محمد بن إبراهيم المهدي من بجاية(12)تلقنه بعد رحلته إلى المشرق ثم عاد ليدرس بالمغرب ثم تولى قضاء بجاية غير مرة.
الفقـه:
بعد وفاة ابن تومرت سنة 524 هـ أصدر عبد المؤمن بن علي أمر بإحراق كتب الفقه التي بها خلافات الفقهاء و رد الناس إلى كتب الحديث و في مقدمتها موطأ الإمام مالك لاستنباط الأحكام الفقهية منها(13)و ألف كتابه الموطأ على غرار موطأ الإمام مالك بعد حذف أسانيده.
ومن فقهاء هذا العصر بالمغرب الأوسط محمد بن علي بن مروان بن جبــل الهمداني من أهل وهران،درس بتلمسان و تولى قضاءها ثم قضاء الجماعة بمـراكش وكـان فقيها متمكنا،شديد الهيبة،يتحرى العدل ولا يخشى في الحق لومة لائم، توفي بفاس سنة 601ه (14)
علوم اللغة العربية:
اعتنى الموحدون بالعلوم اللسانية خاصة ابن تومرت الذي اهتم باللغة العربية لكونـهم درسوها في المشرق(15)و انتشـرت اللغة العربية بدولة الموحدين باعتبارها لغة البلاد الرسمية في المــكاتبات والمعاملات وشئون الدولة وكان لمجيء العلماء إلى المدن دور كبير في انتشار اللغة العربية وازدهارها،و كان أيضا لقدوم القبائل الهلالية إلى المغرب الإسلامي أثر كبير في دعم اللغة العربية وانتشارها لتمسك هذه القبائـل البدويـة باللسان العربي(16)بالإضافة إلى الاتصال بالمراكز الثقافية الأخرى بالمغرب الأوسط كقلعة بني حماد.
ومن أشهر الكتاب و الشعراء الأديب النحوي التاهرتي و هو أبـو الحسـن بن علي بن طريف من أهل تيهرت رحل إلى الأندلس و أخذ عن الكثير من علمائها،ثم عاد إلى المـغرب و درس النحو ،توفي سنة 501 ه و ابن محشوة و هو أبو الفضل محمد بن علي بن ظاهر القيسي الأديب الكاتب الذي نشأ في بجاية وأخذ عن أبـي القاسم القالـمي و كتب ليوسف بن عبد المؤمن،ثم لآبيه يعقوب،توفي سنة 598ه (17) والشاعر ابن فكـون القسنطيني الذي وصف مدينة الناصرية (بجاية) (18)قـائلا:
دع العراق و بغداد و شامها فالناصرية ما إن مثلـها بلـد
بـر و بحر و مرج للعيون به مسارح بان عنها الهم و النكد
أ- العلوم العقلية:
"و أما العلوم العقلية التي هي طبيعية للإنسان من حيث إنه ذو فكر فهي غير مختصة بملة بل بوجه النظر فيها إلى أهل الملل كلهم و يستوون في مداركها و مباحثها"(19)و منها:
التاريخ:
اهتم الموحدون بالتاريخ و من أشهر المؤرخين في عهد الدولة الموحدية البيدق أبــو بكـــر الصنهاجي من المغرب الأوسط الذي أدرك الدولتين المرابطية و الموحـدية و رافق محمـد بن تومرت أثناء عودته من المشرق وألف كتاب وصف فيه الرحــلة،و ضمته بعض أخبار المهدي بن تومرت و عبد المؤمن،توفي سنة 550 ه.والمؤرخ والأديب أبو على الذي ولد بتلمسان في عهد يوسف بن عبد المؤمن،لـه مختصر في التاريخ سماه« نظـم الآلـي فتوح الأمـر العالي»توفي سنة 596 ه (20)
الجغرافيا:
كان المغرب الأوسط همزة وصل بين الأندلس و المشرق،كما كان المغاربة في مقدمة الشعوب المحبة للرحلات و الاطلاع إلى أحوال الأمم،و كان للدين الإسلامي الفضل الأكبر في غرس الرحلة في نفوسهم بالذهاب إلى الحجاز لأداء فريضة الحج وطلب العلم و التجارة(21)ثم إلى الشام لزيارة الأماكن المقدسة.
ومن الأندلسيين الذين عاقتهم الأقدار عن أداء فريضة الحج الإمام أبي محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي الاشبيلي،أرست سفينته ببجاية فاستوطن المدينة و تفـرغ لنشـر العلــم و تأليف الكتب القيمة التي اشتهرت بالمشرق(22)
ومن الرحالة بالمغرب الأوسط ابن فكـون القسنطيني و هو أبو علي حسن بن علي رحـل إلى مراكش و مدح الخليفة الموحدي(23)و كتب حول سفره من قسنطينة إلى مراكش.
الفلك و النجوم:
كان المهدي محمد بن تومرت من أئمة علم التنجيم المعدودين في عصره فقد اختار تلميذه عبد المؤمن بن علي و اصطفاه من بين التلاميذ ليكون خليفته« فنزل ابن تومرت – و هو آت من الشرق – بضيعة يقال لها ملالة( قرب مدينة بجاية بالمغرب الأوسط) و بها لقيه عبد المؤمن بن علي و هو إذ ذاك( أي عبد المؤمن)متوجه إلى المشرق في طلب العلم،فلما رآه محمد بن تومرت عرفه بالعلامات التي كانت عنده و كان ابن تومرت هذا أوجه عصره في علم خط الرمل» (24)
اشتغل الخليفة يعقوب المنصور حفيد عبد المؤمن بالتنجيم و وضع أبراجا فلكية عن كسوف الشمس و أمر بإقامة برج عال بجامع اشبيلية الأعظم للأذان و لرصد النجوم أيضا فكان أول مرصد أقيم في أوربا(25)لعلم الفلك.
الطب و الصيدلة:
بدأت النهضة الطبية في عبد المؤمن بفضل طبيبه الخاص أبي بكر ابن زهر الذي يعتبر أعظم أطباء العصور الوسطى.و من أشهر كتب الطب،كتاب «القانون» لابن سينا الذي كان أكبر عمدة للطب في العالم الإسلامي و العالم الأوربي وكتابه الأخر« الرجز الطبي»(26)
اهتم الخليفة الموحدي المنصور بالطب فكان يعتني بصحة الرعية اعتناءه بصحته، بنى بمدينة مراكش بيمارستنا(مستشفى) كان أمينه و طبيبه أبو إسحاق إبراهيم الداني من بجاية(27)و كان اهتمام الموحدين بالطب منذ عهد الخلفاء الأوائل.
الفلسفة:
ازدهرت العلوم ونشطت الحركة التعليمية و كان من جملتها الفلسفة التي بلغت أوجها على يد ابن رشد و طلبته،فبعضهم كان من المغرب الأوسط و من أشهر الكتب و المؤلفات الدراسـية الرسالة لابن أبي رشد و المستصفي و إحياء علوم الدين للغزالي(28)و يرجع الفضل إلى الخليفة الموحدي أبي يعقوب في نشر فلسفة أرسطو بين الناس و شرحها بعد أن كانت غامضة مندثرة(29)و من أشهر فلاسفة المغرب الأوسط،أبي حامد الصغير المسيلي الذي شبه بغزالي المشرق لاجـتهاداته المتنوعة في الفلسفة و الحكمة و الفقه و التوحيد(30)كما كان أبو عبد الله محمد بن سحنون الكومي الندرومي طبيبا و فيلسوفـا من تلامذة ابن رشد رائد الفلسفة بالأندلس(31)
الرياضيات:
يبرز ميدان الرياضيات أكثر في دور بجاية الثقافي و الحضاري و مدى تأثيره عـلى جنوب أوربا و ايطاليا بالذات،فقد خطا المسلمون خطوات هامة في علوم الحساب والهندسة و الجبر والميكانيكا و حساب المثلثات(32)و كان للدراسات الرياضية الفلكية الإسلامية أثرها العميق في الدراسات الغربية أمثال كبلر و رجر باكون و البرتوماجنو و ليونارد فيبونوتشي و غيرهم(33)من العلماء المشاهير الأوربيين.
2- المراكز الثقافية:
تاهرت:
أسسها الإمام عبد الرحمن بن رستم الفارسي الخارجي الاباضي سنة 161ه و كان ابن رستم من العلمــاء المتمكنين في علوم الدين و الأدب و الفلك(34)و أصبحت تاهرت عاصمة الدولة الرستمية،انظم إليها إباضية المغرب جميعا بعد أن أعلنوا الولاء و التبعية لأئمـتها(35) و تعتبر مدينة تاهرت أقدم مركز ثقافي ببلاد المغرب الأوسط.
وصف البكري مدينة تاهرت في القرن الخامس الهجري بقوله:"و مدينة تاهرت مـدينة مسورة لها أربعة أبواب،باب الصفا و باب المنزل و باب الأندلس و باب المطاحن،وهي فـي سفح جبل يقال له « جزول» و إن لها قصبة مطلة على السوق تسمى«المعصومة»و تقع على نهر يسمى «منيه»"(36)
و كان بمدينة تاهرت مكتبة عظيمة تضم بين جناحيها تحو ثلاثمائة كتاب في مختلف العلوم و الفنون و الآداب و لم تنل المدينة عناية لأن الدول التي تتابعت عليها بعد الرستميين نظروا إليها نظرة استخفاف باعتبارها من مؤسسات الخوارج،غير أن عبد المؤمن و خلفاءه نشروا بتاهرت مبادئ الموحدين و نشطوا تحفيظ القرآن الكريم، ثم انتقل إلى تاهرت مذهب الإمام مالك رضي الله عنه بعد الموحدين(37)كما انتشر بباقي مدن المغرب الإسلامي.
بجاية:
تأسست مدينة بجاية في بداية النصف الثاني من القرنين الخامــس الهجري 460ه و الحادي عشر الميلادي 1067م على يد الأمير الناصر بن علناس (38)و أصبحت عاصمة لدولة بني حماد.
وصف الشريف الإدريسي المدينة « وأما مدينة بجاية في ذاتها فإنها عمرت بخراب القلعة التي بناها حماد بن بلقين وهي التي تنسب دولة بني حماد إليها والقلعة كانت في وقتها وقبل عمارة بجاية دار الملك لبني حماد وفيها كانت ذخائرهم مدخرة وجميع أموالهم مختزنة ودار أسلحتهم والحنطة تختزن و بها من الفواكه المأكولة و النعم المنتخبة ما يلحقه الإنسان بالثمن اليسير ولحومها كثيرة وبلادها وجميع ما ينضاف إليها تصلح فيها السوائم والدواب لأنها بلاد زرع وخصب وفلاحتهم إذا كثرت أغنت وإذا قلت كفت فأهلها أبد الدهر شباع»(39)
لم تكن نهضة بجاية العلمية من مآثر الموحدين و حدهم،بل كانت ذات شهرة عـلمية كبيرة في عهد الحماديين و كان الطلبة يتزاحمون في طلب العلم و أن الايطاليين تلقوا العلم في بجاية و تعلموا كثير من الصنع من بينها «الشمع» بدليل أن الشمع عند الايطاليين ما يـزال يحتفظ باسم بجاية أي(Bougie) وهو لفظ بجـاية في لـهجتهم(40)و كان لمدينة بجاية وزن كبير سياسي،اقتصادي و علمي.
تلمسان:
تلمسان بكسرتين فسكون مركبة من تلم بمعنى تجمع وسان بمعنى اثنين أي تجمع بين التل و الصحراء وهي في سفح جبل بني ورنيد المار جنوبا و يسمـى قابلتها بالصخرتين و ينحدر منه نهر سطفسيف المار بشرقها ليلتقي بنهر يسر ثم بنهر تافنا و ينحدر منه ساقية النصـراني و تلمسان مدينتان أحدهما قديمة تعرف بالأقادير أسسها بنو يفرن و هم أوسع بطون زناتة قبل الإسلام والثانية أجادير كما سميت تاقرارت باسم معسكر في العهد الإدريسي(41)
تأسست مدينة تاجـررات تلمسان الجـديدة مـن قبل يوسـف بن تاشـفين(42) سنـة (473ه/1081م)و عرفت الحركة الفكرية بها نشاطا في عـهد المرابطين، فأصبحت تلمسان مقرا لولايتهم في المغرب الأوسط إذ شيدوا القصر و جعلوه مقرا للتواصي و بنو المسجد الأعـظم أو الجـامع الكبير سنة (530ه/ 1136م)(43)و أصبحت تلمسان حاضرة من حواضر المغرب الإسلامي.
و عقب استيلاء عبد المؤمن بن علي على تلمسان (534ه/1139م)،تزايد التوسـع العمراني بها موازاة مع تزايد النشاط التجاري من جهة و انتشار التعريب و الثقافة الإسلامية من جهة أخرى و حظيت تلمسان من جديد بعناية الموحدين لها حيث ابقوا عليها كمقــر لولايتهم و مركز إشعاع و أعطاها عبد المؤمن الأولوية كمركز ثقافي(44)نظرا لما آلت إليه المدينة من تطور و ربما لكونها قريبة من مسقط رأسه بتاجرا.
و من الأعمال التي قام بها عبد المؤمن بن علي بمدينة تلمسان،تجديد المسجد الجامع و بناء قصر المشور سنة 540ه و عقد مجالس العلم و نشر التعليم الإجباري،فأصبحت تلمسان من حصون الموحدين الهامة لنشر دعوتهم بالمغرب الأوسط(45)
2- المؤسسات التعليمية:
الكتاتيب:
الكتاتيب هي أماكن المرحلة الأولى التي كان يتعلم فيها صبية المسلمين مبادئ القرآن الكريم و الكتابة و يأخذون بعد ذلك في حفظ القرآن الكريم،ثم يتعلمون بين جدرانها أولويات علوم الدين و اللغة التي تهيئهم لتلقي العــلوم بالمساجد(46) و هي من المؤسسات التعليمية الهامة بالمغرب الإسلامي.
كانت الكتاتيب معروفة قبل الموحدين بالمشرق و الأندلس و هذا ما أكده الرحالة المغربي ابن بطوطة قائلا:«و بهذا المسجد (جامع دمشق الأموي) جماعة من المعلمين لكتاب الله يستند كل واحد منهم إلى سارية من سواري المسجد يلقن الصبيان ويقرئهم وهم لا يكتبون القرآن في الألواح تنزيها لكتاب الله تعالى وإنما يقرؤون القرآن تلقينا ومعلم الخط في غير معلم القران يعلمهم بكتب الأشعار وسواها فينصرف الصبي من التعليم إلى التكتيب وبذلك جاد خطه لأن المعلم للخط لا يعلم غيره»(47)
عـمل عبد المؤمن على نشر مبادئ الموحدين،فععم التعليم بالكتاتيب و الرباطـات التي كانت تعتبر من المعاهد العلمية و الحربية الهامة بالمغرب(48)فكان أول من فرض على شعبه إجبارية و مجانية التعليم في المغرب الإسلامي،بل ربما كان أول حاكم فعل هذا في العصور الوسطى(49)
المدرسة:
لم تعرف المدرسة(50)باسمها هذا بالمغرب و الأندلس حتى نهاية عصر الموحدين،إذ نقل المرينيون الذين تولوا الحكم بعد الموحدين النظام المدرسي إلى المغرب عن الأيوبيين بمصر في النصف الثاني من القرن السابع الهجري(51)،فالمدارس هي تلك الأماكن أو الدور أو المباني المنظمة التي يقصدها طلاب العلم و يتولى التدريس فيها معلمون و أستاذة و علماء(52)و قد تفنن المغاربة في بناء المدرسة متأثرين بالفن المعماري الأندلسي.
و كان من أهدافها مقاومة ما بقي من مبادئ الموحدين و إحلال مذهب السلف الصالح وفي مقدمتها مذهب مالك رضي الله عنه(53)
الرباط:
كـان الرباط من المـعاهد العلمية الهامة بالمغرب الإسلامي،و زادت أهميته في عـهد المرابطين و الموحدين من الوجهتين الحربية و العلمية،و رغـم أن الأربطة نشـأت في أول أمرها بالمشرق في مطلع الدولة العباسية غير أن أربطة المغرب الإسلامي كانت أكثر نفعا،فإلى جانب مهمة الرباط الحربية فهي مكانا للعبادة و معهدا تدرس به شتى العلوم،و كان على سواحل المغرب الإسلامي و لاسيما البحر الأبيض ما يقارب من ألف رباط(54)و أربطة صحراوية و مع مرور الزمن تطور بعضها إلى مدن و قرى تجمّع فيها السكان لتوفر الأمن و كسب العيش و طلب العلم(55) و تحول بعضها إلى زوايا دينية للصوفية.
المساجد:
كان الموحدون في صدر حكم عبد المؤمن بن علي يتحرجون من الغـلو في الزخرفة،وكان فـن البنـاء يتسم بالمتانة و الخلو من التعقيد الزخرفي سيرا على منهج ابن تومرت في التقشف و الزهد،و بعد فتـح عبد المؤمن للمغرب الأوسط و الأدنى والأندلس رأى مظــاهر الحضارة الرائعة و راح ينهل منها.و من المساجد التي بنـاها عبد المؤمن بن علي بالمغرب الأوسط،الجامع الكبير بندرومة وفاء لقبيلته كومية و بقية بطون زناتة الكبرى(56)و كان التعليم يمارس بالمساجد و المدارس.
لعبت المساجد دورا كبيرا في الحياة الفكرية و الثقافية و كـان التعليم ينقسم إلى مراحـل ،حيث تنافس الناس في عهد الموحدين على طلب العلم و نبغ الكثير من العلماء مثل ابن طفيل و ابن رشد و ابن زهر و الإدريسي(57)و غيرهم.
و خلاصة القول أن المغرب الأوسط ساهـم إلى حد كبير في تثبيت و توطيد أركان الدولة الموحـدية سياسيا بالمغرب الإسلامي،و ذلك مـن خلال شخصية عبد المؤمن بن علي الكومي الذي ولد في قرية تاجـرا بالمغرب الأوسط خلفا لابن تومرت، حكم فيها أربعة و ثلاثين سنة،كما ساهم أيضا مساهمة كبيرة في الحياة الثقافية و الفكرية مـن خلال ظهور أعلام بارزة في العلـوم والمعارف الثقافية،فبرز شيوخ و علمـاء و فقهــاء كثيرون،بالإضافة إلى مساهمة حواضـر المغرب الأوسط التي كانت لها شهرة علمية وثقافية قبل قيام الدولة الموحدية،و منها مدينة تاهرت و بجاية و تلمسـان.
:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد بن تومرت:في سنة 515 ه قام بسوس محمد بن عبد الله بن تومرت في صورة آمر بالمعروف ناه عن المنكر و محمد هذا رجل من أهل سوس مولده بها بضيعة منها تعرف بإيجلي أن وارغن وهو من قبيلة تسمى هرغة المصامدة،أعظم القبائل البربرية.
ينظر:عبد الواحد المراكشي،المعجب في تلخيص أخبار المغرب،تحقيق محمد سعيد العريان و محمد العربي العلمي،ط1،مطبعة الاستقامة،القاهرة،1368 ه،ص 178.
(2) عبد المؤمن بن علي:هو عبد المؤمن بن علي بن علوي الكومي...من قوم يقال لها بنو مجبر مولده بضيعة من أعمال تلمسان تعرف بتاجرا .المصدر نفسه،ص ص196-197
(3) مبارك بن محمد الميلي،تاريخ الجزائر في القديم و الحديث،ج2،تقديم وتصحيح محمد الميلي، المؤسسة الوطنية للكتاب،الجزائر،ص 355.
(4)ابن الأثير،محمد بن محمد بن عبد الواحد الشيباني،الكامل في التاريخ،(تحقيق أبي الفداء عبد الله القاضي)،ج9،ط 2،دار الكتب العلمية،بيروت،1995،ص 199.
عبد الله الونشريسي:فقيه و عالم نحوي من المغرب الأوسط.ينظر:شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي،سير أعلام النبلاء،تحقيق شعيب الأرناؤوط و محمد نعيم العرقسوسي،مؤسسة الرسالة،بيروت،1413 ه،ط 9،ج 19،ص 543.
(5) عبد الواحد المراكشي،المصدر السابق،ص 155.
(6) عبد الله على علام،الدولة الموحدية بالمغرب في عهد عبد المؤمن بن علي،ط1،دار المعارف مصر 1971،ص 297.
(7) محمد الطمار،الروابط الثقافية بين الجزائر والخارج،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع،الجزائر،ص ص 166- 168.
( عبد الله على علام، المرجع السابق، ص 300.
(9) ابن تومرت،أعز ما يطلب،تقديم و تصحيح عمار طالبي،المؤسسة الوطنية للكتاب،الرغاية الجزائر، 1985،ص3.
(10) محمد الطمار،المرجع السابق،ص 168.
(11) علم الكلام:هو علم يتضمن الحجج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية والرد على المتبدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة وسر هذه العقائد الإيمانية هو التوحيد.
ينظر:عبد الرحمن بن خلدون،المقدمة،ط5،دار القلم،بيروت،1984،ص 458.
(12) عبد الله على علام، المرجع السابق،ص ص 305-306.
(13) المرجع نفسه،ص 308.
(14) المرجع نفسه،ص 314.
(15) عبد الواحد المراكشي،المصدر السابق،ص 100.
(16) مبارك بن محمد الميلي،المرجع السابق،ص 274.
(17) عبد الحميد حاجيات،تلمسان مركز الإشعاع الثقافي في المغرب الأوسط،مجلة الحضارة الإسلامية،العدد الأول،1993،ص 37.
(18) عبد الرحمن بن محمد الجيلالي،تاريخ الجزائر العام ،ج2،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر، 1994،ص 27.
(19) عبد الرحمن بن خلدون، المصدر السابق،ص 478
(20) رابح بونار،المغرب العربي تاريخه و ثقافته،ط 3،دار الهدى عين مليلة،الجزائر،2000،ص 234.
(21) عواطف محمد يوسف نواب عواطف،الرحلات المغربية و الأندلسية،مصدر من مصادر تاريخ الحجاز في الفرنين 7 ه و 8 ه ،مكتبة الملك فهد الوطنية،الرياض،1996،ص77.
(22) محمد الطمار،المرجع السابق،ص 169.
(23) خالد بلعربي،الدولة الزيانية في عهد يغمراسن(دراسة تاريخية و حضارية)(632 ه -681 ه) (1235م- 1282م)،دار الريان للطباعة و النشر،2005 ،ص31.
(24) عبد الواحد المراكشي،المصدر السابق،ص 116.
(25) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 355.
(26) محمد الطمار،المرجع السابق،ص 166.
(27) المرجع نفسه،ص 171.
(28) عبد الله شريط،مختصر تاريخ الجزائر السياسي و الثقافي و الاجتماعي،المؤسسة الوطنية للكتاب،الجزائر،1985،ص 106.
(29) عبد الرحمن بن محمد الجيلالي،المرجع السابق،ص 24
(30) يحي بوعزيز،الموجز في تاريخ الجزائر،ج1،المطبوعات الجامعية،الجزائر،1995،ص 163.
(31) محمد الطمار،المرجع السابق،ص 167.
(32) يحي بوعزيز،المرجع السابق،ص 164.
(33) عنان محمد عبد الله"ازدهار الحضارة و الفكر الإسلاميين في الغرب الإسلامي و دورهما في تغذية النهضة العلمية و الحضارة الأوربية""مجلة الأصالة"،العدد 37136،1976،ص 14.
(34) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 284.
(35) محمد إسماعيل عبد الرزاق،الخوارج في بلاد المغرب حتى منتصف القرن الرابع الهجري،ط 2،دار الثقافة،1985،الدار البيضاء،المغرب،ص 95.
(36) البكري،المغرب في ذكر بلاد افريقية و المغرب،وهو جزء من كتاب المسالك و الممالك ،نشره البارون دي سلان ،باريس،1965،ص 66.
(37) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 286.
(38) يحي بوعزيز،المرجع السابق،ص 157.
(39) الإدريسي،أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن إدريس،نزهة المشتاق في اختراق الآفاق،ط1 عالم الكتب،بيروت،1989،ص 261.
(40) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 287.
(41) مبارك بن محمد الميلي،المرجع السابق،ص ص 444-445.
(42) عبد الحميد حاجيات، المرجع السابق ،ص 37.
(43) علي محمد محمد الصلابي،صفحات مشرفة من التاريخ الإسلامي في الشمال الإفريقي الجوهر الثمين في معرفة دولة المرابطين،ط1،ج4،مكتبة الإيمان بالمنصورة،أمام الجامع الأزهر،ص 312.
(44) عبد الحميد حاجيات،المرجع السابق،ص 183.
(45) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 287.
(46) المرجع نفسه،ص 291.
(47) ابن بطوطة،محمد بن عبد الله،تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار،(تحقيق د/علي المنتصر الكتاني) ج5،ط4،مؤسسة الرسالة،بيروت،1984،ص 108.
(48) حسن إبراهيم حسن، تاريخ الإسلام،ج3،القاهرة،1968،ص 437 .
(49) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 291.
(50) ظهرت المدرسة بالمشرق قبل ظهورها بالمغرب بنحو ثلاثة قرون،إذ كانت المدرسة البيهقية بنيسابور أول من حمل اسم المدرسة قبل نهاية القرن الرابع الهجري.ينظر:عبد العزيز فيلالي، تلمسان في العهد الزياني،دراسة سياسية،عمرانية،اجتماعية،ثقافية،ج2،موفم للنشر و التوزيع، الجزائر،2002،ص 325 .
(51) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 292.
(52)إسماعيل سامعي،معالم الحضارة العربية الإسلامية،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،2007، ص 312
(53) ابن خلكان،أبو العباس أحمد بن محمد وفيات الأعيان،(تحقيق محي الدين عبد الحميد)،ج1، القاهرة،1938،ص 357.
(54) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص ص 292-293.
(55) عطية مخزوم الفيتوري،دراسات في تاريخ شرق إفريقيا و جنوب الصحراء ،جامعة قان يونس، بنغازي،ط1،1998،ص 114.
(56) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 382.
(57) صالح فركوس،المختصر في تاريخ الجزائر من عهد الفينيقيين إلى خروج الفرنسيين (814 ق م – 1962 م)،دار العلوم للنشر و التوزيع،الجزائر،2002،ص 69.
المقالات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبيها
515 ه - 668 ه / 1121 م -1269م
بقلم الأستاذ: علوي مصطفى
جامعة بشار (الجزائر)
خلال القرن السادس الهجري خضع المغرب الإسلامي لسلطة الموحدين، و كان لشخصية محمد بن تومرت(1)دور الكبير في ذلك،لكن بعد وفاته سنة(524ه/1130م)خلفه عبد المؤمن بن علي(2)الذي وطد أركان الدولة الموحدية و التي استمرت من سنة(515 ه إلى 668 ه)،فأحكم قبضته وسيطرته عـلى المغرب الأقصى،ثم توجه اهتمامه إلى المغربين الأوسط و الأدنى،وبعث بحملات متتابعة وصلت حتى طرابلس بإفريقية و مدن بالأندلس،فساعـد ذلك النصر عـلى تحـقيق الوحدة السياسية للمغرب الإسلامي،واتخذ من مـراكش عاصمة للخلافة.فكيف كانت الحياة العلمية و الأدبية والفكـرية بالمغرب الأوسط في عهد الموحدين؟و هل كان للمغرب الأوسط إسهامات فيها؟
1- أهم العلوم التي اشتهرت بالمغرب الأوسط في عهد الموحدين:
اعتنى المغرب الأوسط في عهد عبد المؤمن بن علي بالعلوم الإسلامية و الفلسفية تفسيرا و حديثا،و رسخ المذهب المالكي بين الناس،فحافظوا على جوهر الدين بنشر أصوله العقلية و النقلية(3)
أ- العلوم النقلية:
القراءات:
كان علم القراءات في مقدمة العلوم الدينية،باعتباره أول محاولة في تفسير القرآن الكريم،و كان المغرب الموحدي من أشد الأقطار الإسلامية اهتماما بهذا العلم. و"كان عبد الله الونشريسي يقرأ القرآن قراءة حسنة"(4)و لقي بذلك احترام و إعجاب الناس بشخصيته الفقهية.
وضع المهدي محمد بن تومرت نظاما يوجب عليهم قراءة حـزب من المصـحف الشريف كل يوم جمعة عقب صلاة الصبح و المغرب قراءة مرتلة،و كان الأمير يوسف بن عبد المؤمن قد درس القراءة "و كان من أحسن الناس نطقا بالقرآن الكريم."(5)و كان القصد من القراءة التلاوة الصحيحة للقرآن الكريم.
التفسير:
يعد التفسير الخطوة الثانية بعد القراءات في سبيل بيان معـاني القرآن الكريم، و علـى الرغم من أن الموحدين تبنى أوائلهم الفكرة المهدوبة الشيعية و تأثر مذهبهم التوحيدي بآراء المعتزلة،إلا أن ذلك لم يخرجهم عن الجو السني مطلقا(6)و قد حاول المغرب الإسلامي الحفاظ على خصوصياته المذهبية.
و من أبرز المفسـرين للقرآن الكريم بالمغرب الأوسط،أبـو يعقوب يوسف بن إبراهيم الورجلاني الذي ألف تفسير القرآن في سبعين جزءا و محمـد بن يخلف بن يوسف بن حسون و موسى بن الحاج بن أبي بكر الأشيري و أبو الوليد يزيد بن أبي الحسن بن عبد الرحمن و أبو عبد الله محمد بن علي بن مروان بن جبـل الذين درسـوا بالأندلس(7)التي كانت حاضرة يحج إليها الطلاب للنهل من مختلف العلوم.
الحديث:
استند الموحدون إلى مذهب ابن تومرت"المذهب الأشعري"،لكن المغاربة عادوا إلى إتباع مذهب الإمام مالك بن أنس صاحب الموطأ.و كـان عبد المؤمن بن عـلي مـن المتبحرين في الحديث(و كان ابنه يوسف مجتهدا في طلب الحديث.
اهتم عبد المؤمن بالعلم و العلماء من خلال إشـرافه على جمع آثار المهدوية أو الفقه ليكون في كتاب واحد سماه«أعز ما يطلب»(9)و من أشهر المحدثين بالمغرب الأوسط الهمذاني الوهراني الذي عين قاضي الجماعـة بمراكش عاصمة الموحدين سنة 584ه/1188م،كما تولى بعد ذلك قضاء اشبيلية حتى سنة 592ه/1195م(10)
علم الكلام:
كان المغرب الإسلامي قبل دعوة ابن تومرت يسير على مذهب السلف الصالح و يمقت "علم الكلام"(11)الذي يتصدى لتأويل المتشابه من القرآن الكريم.و من العلماء الــذين اهتموا بعلم الكلام بالمغرب الأوسط في عهد الموحدين محمد بن إبراهيم المهدي من بجاية(12)تلقنه بعد رحلته إلى المشرق ثم عاد ليدرس بالمغرب ثم تولى قضاء بجاية غير مرة.
الفقـه:
بعد وفاة ابن تومرت سنة 524 هـ أصدر عبد المؤمن بن علي أمر بإحراق كتب الفقه التي بها خلافات الفقهاء و رد الناس إلى كتب الحديث و في مقدمتها موطأ الإمام مالك لاستنباط الأحكام الفقهية منها(13)و ألف كتابه الموطأ على غرار موطأ الإمام مالك بعد حذف أسانيده.
ومن فقهاء هذا العصر بالمغرب الأوسط محمد بن علي بن مروان بن جبــل الهمداني من أهل وهران،درس بتلمسان و تولى قضاءها ثم قضاء الجماعة بمـراكش وكـان فقيها متمكنا،شديد الهيبة،يتحرى العدل ولا يخشى في الحق لومة لائم، توفي بفاس سنة 601ه (14)
علوم اللغة العربية:
اعتنى الموحدون بالعلوم اللسانية خاصة ابن تومرت الذي اهتم باللغة العربية لكونـهم درسوها في المشرق(15)و انتشـرت اللغة العربية بدولة الموحدين باعتبارها لغة البلاد الرسمية في المــكاتبات والمعاملات وشئون الدولة وكان لمجيء العلماء إلى المدن دور كبير في انتشار اللغة العربية وازدهارها،و كان أيضا لقدوم القبائل الهلالية إلى المغرب الإسلامي أثر كبير في دعم اللغة العربية وانتشارها لتمسك هذه القبائـل البدويـة باللسان العربي(16)بالإضافة إلى الاتصال بالمراكز الثقافية الأخرى بالمغرب الأوسط كقلعة بني حماد.
ومن أشهر الكتاب و الشعراء الأديب النحوي التاهرتي و هو أبـو الحسـن بن علي بن طريف من أهل تيهرت رحل إلى الأندلس و أخذ عن الكثير من علمائها،ثم عاد إلى المـغرب و درس النحو ،توفي سنة 501 ه و ابن محشوة و هو أبو الفضل محمد بن علي بن ظاهر القيسي الأديب الكاتب الذي نشأ في بجاية وأخذ عن أبـي القاسم القالـمي و كتب ليوسف بن عبد المؤمن،ثم لآبيه يعقوب،توفي سنة 598ه (17) والشاعر ابن فكـون القسنطيني الذي وصف مدينة الناصرية (بجاية) (18)قـائلا:
دع العراق و بغداد و شامها فالناصرية ما إن مثلـها بلـد
بـر و بحر و مرج للعيون به مسارح بان عنها الهم و النكد
أ- العلوم العقلية:
"و أما العلوم العقلية التي هي طبيعية للإنسان من حيث إنه ذو فكر فهي غير مختصة بملة بل بوجه النظر فيها إلى أهل الملل كلهم و يستوون في مداركها و مباحثها"(19)و منها:
التاريخ:
اهتم الموحدون بالتاريخ و من أشهر المؤرخين في عهد الدولة الموحدية البيدق أبــو بكـــر الصنهاجي من المغرب الأوسط الذي أدرك الدولتين المرابطية و الموحـدية و رافق محمـد بن تومرت أثناء عودته من المشرق وألف كتاب وصف فيه الرحــلة،و ضمته بعض أخبار المهدي بن تومرت و عبد المؤمن،توفي سنة 550 ه.والمؤرخ والأديب أبو على الذي ولد بتلمسان في عهد يوسف بن عبد المؤمن،لـه مختصر في التاريخ سماه« نظـم الآلـي فتوح الأمـر العالي»توفي سنة 596 ه (20)
الجغرافيا:
كان المغرب الأوسط همزة وصل بين الأندلس و المشرق،كما كان المغاربة في مقدمة الشعوب المحبة للرحلات و الاطلاع إلى أحوال الأمم،و كان للدين الإسلامي الفضل الأكبر في غرس الرحلة في نفوسهم بالذهاب إلى الحجاز لأداء فريضة الحج وطلب العلم و التجارة(21)ثم إلى الشام لزيارة الأماكن المقدسة.
ومن الأندلسيين الذين عاقتهم الأقدار عن أداء فريضة الحج الإمام أبي محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي الاشبيلي،أرست سفينته ببجاية فاستوطن المدينة و تفـرغ لنشـر العلــم و تأليف الكتب القيمة التي اشتهرت بالمشرق(22)
ومن الرحالة بالمغرب الأوسط ابن فكـون القسنطيني و هو أبو علي حسن بن علي رحـل إلى مراكش و مدح الخليفة الموحدي(23)و كتب حول سفره من قسنطينة إلى مراكش.
الفلك و النجوم:
كان المهدي محمد بن تومرت من أئمة علم التنجيم المعدودين في عصره فقد اختار تلميذه عبد المؤمن بن علي و اصطفاه من بين التلاميذ ليكون خليفته« فنزل ابن تومرت – و هو آت من الشرق – بضيعة يقال لها ملالة( قرب مدينة بجاية بالمغرب الأوسط) و بها لقيه عبد المؤمن بن علي و هو إذ ذاك( أي عبد المؤمن)متوجه إلى المشرق في طلب العلم،فلما رآه محمد بن تومرت عرفه بالعلامات التي كانت عنده و كان ابن تومرت هذا أوجه عصره في علم خط الرمل» (24)
اشتغل الخليفة يعقوب المنصور حفيد عبد المؤمن بالتنجيم و وضع أبراجا فلكية عن كسوف الشمس و أمر بإقامة برج عال بجامع اشبيلية الأعظم للأذان و لرصد النجوم أيضا فكان أول مرصد أقيم في أوربا(25)لعلم الفلك.
الطب و الصيدلة:
بدأت النهضة الطبية في عبد المؤمن بفضل طبيبه الخاص أبي بكر ابن زهر الذي يعتبر أعظم أطباء العصور الوسطى.و من أشهر كتب الطب،كتاب «القانون» لابن سينا الذي كان أكبر عمدة للطب في العالم الإسلامي و العالم الأوربي وكتابه الأخر« الرجز الطبي»(26)
اهتم الخليفة الموحدي المنصور بالطب فكان يعتني بصحة الرعية اعتناءه بصحته، بنى بمدينة مراكش بيمارستنا(مستشفى) كان أمينه و طبيبه أبو إسحاق إبراهيم الداني من بجاية(27)و كان اهتمام الموحدين بالطب منذ عهد الخلفاء الأوائل.
الفلسفة:
ازدهرت العلوم ونشطت الحركة التعليمية و كان من جملتها الفلسفة التي بلغت أوجها على يد ابن رشد و طلبته،فبعضهم كان من المغرب الأوسط و من أشهر الكتب و المؤلفات الدراسـية الرسالة لابن أبي رشد و المستصفي و إحياء علوم الدين للغزالي(28)و يرجع الفضل إلى الخليفة الموحدي أبي يعقوب في نشر فلسفة أرسطو بين الناس و شرحها بعد أن كانت غامضة مندثرة(29)و من أشهر فلاسفة المغرب الأوسط،أبي حامد الصغير المسيلي الذي شبه بغزالي المشرق لاجـتهاداته المتنوعة في الفلسفة و الحكمة و الفقه و التوحيد(30)كما كان أبو عبد الله محمد بن سحنون الكومي الندرومي طبيبا و فيلسوفـا من تلامذة ابن رشد رائد الفلسفة بالأندلس(31)
الرياضيات:
يبرز ميدان الرياضيات أكثر في دور بجاية الثقافي و الحضاري و مدى تأثيره عـلى جنوب أوربا و ايطاليا بالذات،فقد خطا المسلمون خطوات هامة في علوم الحساب والهندسة و الجبر والميكانيكا و حساب المثلثات(32)و كان للدراسات الرياضية الفلكية الإسلامية أثرها العميق في الدراسات الغربية أمثال كبلر و رجر باكون و البرتوماجنو و ليونارد فيبونوتشي و غيرهم(33)من العلماء المشاهير الأوربيين.
2- المراكز الثقافية:
تاهرت:
أسسها الإمام عبد الرحمن بن رستم الفارسي الخارجي الاباضي سنة 161ه و كان ابن رستم من العلمــاء المتمكنين في علوم الدين و الأدب و الفلك(34)و أصبحت تاهرت عاصمة الدولة الرستمية،انظم إليها إباضية المغرب جميعا بعد أن أعلنوا الولاء و التبعية لأئمـتها(35) و تعتبر مدينة تاهرت أقدم مركز ثقافي ببلاد المغرب الأوسط.
وصف البكري مدينة تاهرت في القرن الخامس الهجري بقوله:"و مدينة تاهرت مـدينة مسورة لها أربعة أبواب،باب الصفا و باب المنزل و باب الأندلس و باب المطاحن،وهي فـي سفح جبل يقال له « جزول» و إن لها قصبة مطلة على السوق تسمى«المعصومة»و تقع على نهر يسمى «منيه»"(36)
و كان بمدينة تاهرت مكتبة عظيمة تضم بين جناحيها تحو ثلاثمائة كتاب في مختلف العلوم و الفنون و الآداب و لم تنل المدينة عناية لأن الدول التي تتابعت عليها بعد الرستميين نظروا إليها نظرة استخفاف باعتبارها من مؤسسات الخوارج،غير أن عبد المؤمن و خلفاءه نشروا بتاهرت مبادئ الموحدين و نشطوا تحفيظ القرآن الكريم، ثم انتقل إلى تاهرت مذهب الإمام مالك رضي الله عنه بعد الموحدين(37)كما انتشر بباقي مدن المغرب الإسلامي.
بجاية:
تأسست مدينة بجاية في بداية النصف الثاني من القرنين الخامــس الهجري 460ه و الحادي عشر الميلادي 1067م على يد الأمير الناصر بن علناس (38)و أصبحت عاصمة لدولة بني حماد.
وصف الشريف الإدريسي المدينة « وأما مدينة بجاية في ذاتها فإنها عمرت بخراب القلعة التي بناها حماد بن بلقين وهي التي تنسب دولة بني حماد إليها والقلعة كانت في وقتها وقبل عمارة بجاية دار الملك لبني حماد وفيها كانت ذخائرهم مدخرة وجميع أموالهم مختزنة ودار أسلحتهم والحنطة تختزن و بها من الفواكه المأكولة و النعم المنتخبة ما يلحقه الإنسان بالثمن اليسير ولحومها كثيرة وبلادها وجميع ما ينضاف إليها تصلح فيها السوائم والدواب لأنها بلاد زرع وخصب وفلاحتهم إذا كثرت أغنت وإذا قلت كفت فأهلها أبد الدهر شباع»(39)
لم تكن نهضة بجاية العلمية من مآثر الموحدين و حدهم،بل كانت ذات شهرة عـلمية كبيرة في عهد الحماديين و كان الطلبة يتزاحمون في طلب العلم و أن الايطاليين تلقوا العلم في بجاية و تعلموا كثير من الصنع من بينها «الشمع» بدليل أن الشمع عند الايطاليين ما يـزال يحتفظ باسم بجاية أي(Bougie) وهو لفظ بجـاية في لـهجتهم(40)و كان لمدينة بجاية وزن كبير سياسي،اقتصادي و علمي.
تلمسان:
تلمسان بكسرتين فسكون مركبة من تلم بمعنى تجمع وسان بمعنى اثنين أي تجمع بين التل و الصحراء وهي في سفح جبل بني ورنيد المار جنوبا و يسمـى قابلتها بالصخرتين و ينحدر منه نهر سطفسيف المار بشرقها ليلتقي بنهر يسر ثم بنهر تافنا و ينحدر منه ساقية النصـراني و تلمسان مدينتان أحدهما قديمة تعرف بالأقادير أسسها بنو يفرن و هم أوسع بطون زناتة قبل الإسلام والثانية أجادير كما سميت تاقرارت باسم معسكر في العهد الإدريسي(41)
تأسست مدينة تاجـررات تلمسان الجـديدة مـن قبل يوسـف بن تاشـفين(42) سنـة (473ه/1081م)و عرفت الحركة الفكرية بها نشاطا في عـهد المرابطين، فأصبحت تلمسان مقرا لولايتهم في المغرب الأوسط إذ شيدوا القصر و جعلوه مقرا للتواصي و بنو المسجد الأعـظم أو الجـامع الكبير سنة (530ه/ 1136م)(43)و أصبحت تلمسان حاضرة من حواضر المغرب الإسلامي.
و عقب استيلاء عبد المؤمن بن علي على تلمسان (534ه/1139م)،تزايد التوسـع العمراني بها موازاة مع تزايد النشاط التجاري من جهة و انتشار التعريب و الثقافة الإسلامية من جهة أخرى و حظيت تلمسان من جديد بعناية الموحدين لها حيث ابقوا عليها كمقــر لولايتهم و مركز إشعاع و أعطاها عبد المؤمن الأولوية كمركز ثقافي(44)نظرا لما آلت إليه المدينة من تطور و ربما لكونها قريبة من مسقط رأسه بتاجرا.
و من الأعمال التي قام بها عبد المؤمن بن علي بمدينة تلمسان،تجديد المسجد الجامع و بناء قصر المشور سنة 540ه و عقد مجالس العلم و نشر التعليم الإجباري،فأصبحت تلمسان من حصون الموحدين الهامة لنشر دعوتهم بالمغرب الأوسط(45)
2- المؤسسات التعليمية:
الكتاتيب:
الكتاتيب هي أماكن المرحلة الأولى التي كان يتعلم فيها صبية المسلمين مبادئ القرآن الكريم و الكتابة و يأخذون بعد ذلك في حفظ القرآن الكريم،ثم يتعلمون بين جدرانها أولويات علوم الدين و اللغة التي تهيئهم لتلقي العــلوم بالمساجد(46) و هي من المؤسسات التعليمية الهامة بالمغرب الإسلامي.
كانت الكتاتيب معروفة قبل الموحدين بالمشرق و الأندلس و هذا ما أكده الرحالة المغربي ابن بطوطة قائلا:«و بهذا المسجد (جامع دمشق الأموي) جماعة من المعلمين لكتاب الله يستند كل واحد منهم إلى سارية من سواري المسجد يلقن الصبيان ويقرئهم وهم لا يكتبون القرآن في الألواح تنزيها لكتاب الله تعالى وإنما يقرؤون القرآن تلقينا ومعلم الخط في غير معلم القران يعلمهم بكتب الأشعار وسواها فينصرف الصبي من التعليم إلى التكتيب وبذلك جاد خطه لأن المعلم للخط لا يعلم غيره»(47)
عـمل عبد المؤمن على نشر مبادئ الموحدين،فععم التعليم بالكتاتيب و الرباطـات التي كانت تعتبر من المعاهد العلمية و الحربية الهامة بالمغرب(48)فكان أول من فرض على شعبه إجبارية و مجانية التعليم في المغرب الإسلامي،بل ربما كان أول حاكم فعل هذا في العصور الوسطى(49)
المدرسة:
لم تعرف المدرسة(50)باسمها هذا بالمغرب و الأندلس حتى نهاية عصر الموحدين،إذ نقل المرينيون الذين تولوا الحكم بعد الموحدين النظام المدرسي إلى المغرب عن الأيوبيين بمصر في النصف الثاني من القرن السابع الهجري(51)،فالمدارس هي تلك الأماكن أو الدور أو المباني المنظمة التي يقصدها طلاب العلم و يتولى التدريس فيها معلمون و أستاذة و علماء(52)و قد تفنن المغاربة في بناء المدرسة متأثرين بالفن المعماري الأندلسي.
و كان من أهدافها مقاومة ما بقي من مبادئ الموحدين و إحلال مذهب السلف الصالح وفي مقدمتها مذهب مالك رضي الله عنه(53)
الرباط:
كـان الرباط من المـعاهد العلمية الهامة بالمغرب الإسلامي،و زادت أهميته في عـهد المرابطين و الموحدين من الوجهتين الحربية و العلمية،و رغـم أن الأربطة نشـأت في أول أمرها بالمشرق في مطلع الدولة العباسية غير أن أربطة المغرب الإسلامي كانت أكثر نفعا،فإلى جانب مهمة الرباط الحربية فهي مكانا للعبادة و معهدا تدرس به شتى العلوم،و كان على سواحل المغرب الإسلامي و لاسيما البحر الأبيض ما يقارب من ألف رباط(54)و أربطة صحراوية و مع مرور الزمن تطور بعضها إلى مدن و قرى تجمّع فيها السكان لتوفر الأمن و كسب العيش و طلب العلم(55) و تحول بعضها إلى زوايا دينية للصوفية.
المساجد:
كان الموحدون في صدر حكم عبد المؤمن بن علي يتحرجون من الغـلو في الزخرفة،وكان فـن البنـاء يتسم بالمتانة و الخلو من التعقيد الزخرفي سيرا على منهج ابن تومرت في التقشف و الزهد،و بعد فتـح عبد المؤمن للمغرب الأوسط و الأدنى والأندلس رأى مظــاهر الحضارة الرائعة و راح ينهل منها.و من المساجد التي بنـاها عبد المؤمن بن علي بالمغرب الأوسط،الجامع الكبير بندرومة وفاء لقبيلته كومية و بقية بطون زناتة الكبرى(56)و كان التعليم يمارس بالمساجد و المدارس.
لعبت المساجد دورا كبيرا في الحياة الفكرية و الثقافية و كـان التعليم ينقسم إلى مراحـل ،حيث تنافس الناس في عهد الموحدين على طلب العلم و نبغ الكثير من العلماء مثل ابن طفيل و ابن رشد و ابن زهر و الإدريسي(57)و غيرهم.
و خلاصة القول أن المغرب الأوسط ساهـم إلى حد كبير في تثبيت و توطيد أركان الدولة الموحـدية سياسيا بالمغرب الإسلامي،و ذلك مـن خلال شخصية عبد المؤمن بن علي الكومي الذي ولد في قرية تاجـرا بالمغرب الأوسط خلفا لابن تومرت، حكم فيها أربعة و ثلاثين سنة،كما ساهم أيضا مساهمة كبيرة في الحياة الثقافية و الفكرية مـن خلال ظهور أعلام بارزة في العلـوم والمعارف الثقافية،فبرز شيوخ و علمـاء و فقهــاء كثيرون،بالإضافة إلى مساهمة حواضـر المغرب الأوسط التي كانت لها شهرة علمية وثقافية قبل قيام الدولة الموحدية،و منها مدينة تاهرت و بجاية و تلمسـان.
:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد بن تومرت:في سنة 515 ه قام بسوس محمد بن عبد الله بن تومرت في صورة آمر بالمعروف ناه عن المنكر و محمد هذا رجل من أهل سوس مولده بها بضيعة منها تعرف بإيجلي أن وارغن وهو من قبيلة تسمى هرغة المصامدة،أعظم القبائل البربرية.
ينظر:عبد الواحد المراكشي،المعجب في تلخيص أخبار المغرب،تحقيق محمد سعيد العريان و محمد العربي العلمي،ط1،مطبعة الاستقامة،القاهرة،1368 ه،ص 178.
(2) عبد المؤمن بن علي:هو عبد المؤمن بن علي بن علوي الكومي...من قوم يقال لها بنو مجبر مولده بضيعة من أعمال تلمسان تعرف بتاجرا .المصدر نفسه،ص ص196-197
(3) مبارك بن محمد الميلي،تاريخ الجزائر في القديم و الحديث،ج2،تقديم وتصحيح محمد الميلي، المؤسسة الوطنية للكتاب،الجزائر،ص 355.
(4)ابن الأثير،محمد بن محمد بن عبد الواحد الشيباني،الكامل في التاريخ،(تحقيق أبي الفداء عبد الله القاضي)،ج9،ط 2،دار الكتب العلمية،بيروت،1995،ص 199.
عبد الله الونشريسي:فقيه و عالم نحوي من المغرب الأوسط.ينظر:شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي،سير أعلام النبلاء،تحقيق شعيب الأرناؤوط و محمد نعيم العرقسوسي،مؤسسة الرسالة،بيروت،1413 ه،ط 9،ج 19،ص 543.
(5) عبد الواحد المراكشي،المصدر السابق،ص 155.
(6) عبد الله على علام،الدولة الموحدية بالمغرب في عهد عبد المؤمن بن علي،ط1،دار المعارف مصر 1971،ص 297.
(7) محمد الطمار،الروابط الثقافية بين الجزائر والخارج،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع،الجزائر،ص ص 166- 168.
( عبد الله على علام، المرجع السابق، ص 300.
(9) ابن تومرت،أعز ما يطلب،تقديم و تصحيح عمار طالبي،المؤسسة الوطنية للكتاب،الرغاية الجزائر، 1985،ص3.
(10) محمد الطمار،المرجع السابق،ص 168.
(11) علم الكلام:هو علم يتضمن الحجج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية والرد على المتبدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة وسر هذه العقائد الإيمانية هو التوحيد.
ينظر:عبد الرحمن بن خلدون،المقدمة،ط5،دار القلم،بيروت،1984،ص 458.
(12) عبد الله على علام، المرجع السابق،ص ص 305-306.
(13) المرجع نفسه،ص 308.
(14) المرجع نفسه،ص 314.
(15) عبد الواحد المراكشي،المصدر السابق،ص 100.
(16) مبارك بن محمد الميلي،المرجع السابق،ص 274.
(17) عبد الحميد حاجيات،تلمسان مركز الإشعاع الثقافي في المغرب الأوسط،مجلة الحضارة الإسلامية،العدد الأول،1993،ص 37.
(18) عبد الرحمن بن محمد الجيلالي،تاريخ الجزائر العام ،ج2،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر، 1994،ص 27.
(19) عبد الرحمن بن خلدون، المصدر السابق،ص 478
(20) رابح بونار،المغرب العربي تاريخه و ثقافته،ط 3،دار الهدى عين مليلة،الجزائر،2000،ص 234.
(21) عواطف محمد يوسف نواب عواطف،الرحلات المغربية و الأندلسية،مصدر من مصادر تاريخ الحجاز في الفرنين 7 ه و 8 ه ،مكتبة الملك فهد الوطنية،الرياض،1996،ص77.
(22) محمد الطمار،المرجع السابق،ص 169.
(23) خالد بلعربي،الدولة الزيانية في عهد يغمراسن(دراسة تاريخية و حضارية)(632 ه -681 ه) (1235م- 1282م)،دار الريان للطباعة و النشر،2005 ،ص31.
(24) عبد الواحد المراكشي،المصدر السابق،ص 116.
(25) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 355.
(26) محمد الطمار،المرجع السابق،ص 166.
(27) المرجع نفسه،ص 171.
(28) عبد الله شريط،مختصر تاريخ الجزائر السياسي و الثقافي و الاجتماعي،المؤسسة الوطنية للكتاب،الجزائر،1985،ص 106.
(29) عبد الرحمن بن محمد الجيلالي،المرجع السابق،ص 24
(30) يحي بوعزيز،الموجز في تاريخ الجزائر،ج1،المطبوعات الجامعية،الجزائر،1995،ص 163.
(31) محمد الطمار،المرجع السابق،ص 167.
(32) يحي بوعزيز،المرجع السابق،ص 164.
(33) عنان محمد عبد الله"ازدهار الحضارة و الفكر الإسلاميين في الغرب الإسلامي و دورهما في تغذية النهضة العلمية و الحضارة الأوربية""مجلة الأصالة"،العدد 37136،1976،ص 14.
(34) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 284.
(35) محمد إسماعيل عبد الرزاق،الخوارج في بلاد المغرب حتى منتصف القرن الرابع الهجري،ط 2،دار الثقافة،1985،الدار البيضاء،المغرب،ص 95.
(36) البكري،المغرب في ذكر بلاد افريقية و المغرب،وهو جزء من كتاب المسالك و الممالك ،نشره البارون دي سلان ،باريس،1965،ص 66.
(37) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 286.
(38) يحي بوعزيز،المرجع السابق،ص 157.
(39) الإدريسي،أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن إدريس،نزهة المشتاق في اختراق الآفاق،ط1 عالم الكتب،بيروت،1989،ص 261.
(40) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 287.
(41) مبارك بن محمد الميلي،المرجع السابق،ص ص 444-445.
(42) عبد الحميد حاجيات، المرجع السابق ،ص 37.
(43) علي محمد محمد الصلابي،صفحات مشرفة من التاريخ الإسلامي في الشمال الإفريقي الجوهر الثمين في معرفة دولة المرابطين،ط1،ج4،مكتبة الإيمان بالمنصورة،أمام الجامع الأزهر،ص 312.
(44) عبد الحميد حاجيات،المرجع السابق،ص 183.
(45) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 287.
(46) المرجع نفسه،ص 291.
(47) ابن بطوطة،محمد بن عبد الله،تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار،(تحقيق د/علي المنتصر الكتاني) ج5،ط4،مؤسسة الرسالة،بيروت،1984،ص 108.
(48) حسن إبراهيم حسن، تاريخ الإسلام،ج3،القاهرة،1968،ص 437 .
(49) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 291.
(50) ظهرت المدرسة بالمشرق قبل ظهورها بالمغرب بنحو ثلاثة قرون،إذ كانت المدرسة البيهقية بنيسابور أول من حمل اسم المدرسة قبل نهاية القرن الرابع الهجري.ينظر:عبد العزيز فيلالي، تلمسان في العهد الزياني،دراسة سياسية،عمرانية،اجتماعية،ثقافية،ج2،موفم للنشر و التوزيع، الجزائر،2002،ص 325 .
(51) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 292.
(52)إسماعيل سامعي،معالم الحضارة العربية الإسلامية،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،2007، ص 312
(53) ابن خلكان،أبو العباس أحمد بن محمد وفيات الأعيان،(تحقيق محي الدين عبد الحميد)،ج1، القاهرة،1938،ص 357.
(54) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص ص 292-293.
(55) عطية مخزوم الفيتوري،دراسات في تاريخ شرق إفريقيا و جنوب الصحراء ،جامعة قان يونس، بنغازي،ط1،1998،ص 114.
(56) عبد الله على علام،المرجع السابق،ص 382.
(57) صالح فركوس،المختصر في تاريخ الجزائر من عهد الفينيقيين إلى خروج الفرنسيين (814 ق م – 1962 م)،دار العلوم للنشر و التوزيع،الجزائر،2002،ص 69.
المقالات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبيها