ولا تقل لهما أف نادى فالح: يا مهند.. يا مهند.. أين أنت؟ تترك الضيوف وتغيب داخل البيت! دخل مهند: لا تؤاخذوني.. كنت أعد لكم الشاي.. أنتم تعرفون أن ليس لي إلا والدتي، وهي لا تقوى على ذلك.
ماجد: هذا الوقت كله ثم تأتينا بالشاي فقط؟ أين المكسرات والموالح؟ أين الفواكه؟ أين... مهند: يا مرحباً بكم.. سيأتي كل شيء في وقته لا تتسرعوا.. خرج مهند من الغرفة، فاستوقفته أمه في صحن الدار: يا بني: كنت قد نهيتك عن أصحاب السوء هؤلاء.. لكنك.. أعرف.. ولكنهم أصحابي.. هل أطردهم من أجلك؟ نحن نرحب بالضيف الخلوق.. وهؤلاء.. لقد حفظت نصائحك عن ظهر قلب.. وهؤلاء يستغلون طيبتك.. أرجوك يا أمي لا تتدخلي في شؤوني الخاصة.. أنا حر.. يأتيه صوت فالح من الداخل: يا مهند.. هات لنا ورق اللعب.. نريد ورقاً جديداً.. قالت أمه: أرأيت يا بني؟ إن ما تجمعه في أسبوع تصرفه عليهم في ليلة! قال مهند بصوت عال: وهل أبخل عليك بشيء.. قولي إنك تخرجينني عن طوري بكلامك هذا.. لا تصاحبهم.. لا تدخن.. لا تصرف.. اسكتي.. قلت لك مائة مرة: اسكتي فأنا لست بحاجة إلى مواعظك. لم ترد أم مهند على ابنها، لكن دمعتين ساخنتين بلتا خديها، مسحت عينيها.. ثم دخلت غرفتها. دخل مهند حاملاً صحن الحلوى، وهو يقول: أهلاً بالشباب لقد أكرمتموني بزيارتكم.. تفضلوا وكلوا ما طاب لكم. قال ماجد: والله لا تطيب الحلوى إلا بعد تناول العشاء. أم ماذا؟ أجابه فالح: صدقت والله؟ ولكن ما تشتهون؟. ماجد: ما رأيكم بطست من الفول والحمص صنع أبي وليد الحمصاني؟ قال مهند: دقائق ويكون عندكم ما طلبتم يا مرحباً بكم.. استيقظ مهند في صبيحة اليوم التالي متأخراً على عمله فقد طال به السهر، قالت له أمه ليس عندنا خبز يا ولدي. مهند: أف لك ولما تطلبين: ترينني متأخراً وتبدأين بالطلبات. الأم: لم يترك لك أصحابك قطعة خبز تفطر عليها قال مهند بانفعال شديد: أصحابك.. أصحابك.. متى ننتهي من شريط التسجيل هذا أيتها العجوز.. غداً إن وقع البيت فوق رؤوسنا فالسبب في رأيك أصحابي أليس كذلك؟ إنك بدأت تخرفين. الأم: ليس لك حق أن تكلمني بهذه اللهجة يا بني، فأنا أمك. مهند: أنت أمي لأنك ولدتني فحسب، ولكنك لست شرطية أو سجاناً. الأم: أبغي مصلحتك يا مهند.. مهند: مصلحتي أن تتركيني وشأني.. ألا تفهمين؟ أف لك لقد سئمت حياتي معك.. إذهبي إلى الشيطان.. أف دعيني وشأني يا عجوز.. ألاتفهمين؟ كان قلب أم مهند يتفطر ألماً من ابنها، لكنها لم تدع عليه قط، ومع ذلك فإن الله شاهد عليم. ودار الزمان دورته.. توفيت أم مهند ولما يمض على وفاتها إلا أشهر حتى تزوج ابنها ومرت سنوات وألم بمهند مرض أقعده في البيت وها هو ذا ابنه يقف أمامه ويقول له: إنك لست أباً كالآباء. لا تأخذني في نزهة أو زيارة، لقد سئمت مشاهدتك على هذا الفراش صباح مساء.. أف.. كان الأجود بك أن لا تنجب أيها المقعد.. بل الأحرى بك أن لا تتزوج.. صرت أتمنى أن تموت.. نعم.. لقد كرهتك وكرهت هذا البيت.. أف لهذه الحياة معك. لم ينبس مهند بحرف بل جحظت عيناه فزعاً وحدث نفسه. هل هذا عقاب الله في الدنيا قبل الآخرة؟.